قصيدة الاستغاثة للإمام عبد القادر الجيلاني
سيدي عبد القادر بن موسى بن عبد الله الحسني، أبو محمد، محيي الدين الجيلاني (ت. 561 هـ)
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
إنْ أَبْطَأَتْ غارَةُ الأَرْحَامِ وابْتَعَدَتْ *** فَأَقْرَبُ الشَّيْءِ مِنَّا غارَةُ اللَّهِ
يَا غارَةَ اللَّهِ جِدِّي السَّيْرَ مُسْرِعَةً *** فِي حَلِّ عُقْدَتِنَا يَا غارَةَ اللَّهِ
يَا غارَةَ اللَّهِ جِدِّي واسْرِعِي عَجَلاً *** تَأْتِي بِهِ مُسْرِعاً يَا غارَةَ اللَّهِ
يَا غارَةَ اللَّهِ هَا هُمْ قَدْ بَغَوْا وَطَغَوْا *** فِعْلَ الْحَرَامِ أَتَوْا يَا غارَةَ اللَّهِ
يَا غارَةَ اللَّهِ أَمْسَوْا عاكِفِينَ عَلَى *** فِعْلِ الْحَرَامِ أَلاَ يَا غارَةَ اللَّهِ
يَا غارَةَ اللَّهِ حُلِّي فِي مَنَازِلِهِمْ *** وَدَمِّرِيهِمْ أَلاَ يَا غارَةَ اللَّهِ
يَا غارَةَ اللَّهِ تَأْيِيداً لِفَوْتِهِمِ *** وَشَتِّتِي شَمْلَهُمْ يَا غارَةَ اللَّهِ
يَا غارَةَ اللَّهِ تَنْكِيساً لِرَأْيِهِمِ *** وَخَرِّبِي دُورَهُمْ يَا غارَةَ اللَّهِ
يَا غارَةَ اللَّهِ لاَ تُبْقِي لَهُمْ سَنَداً *** وَهَدِّمِي رُكْنَهُمْ يَا غارَةَ اللَّهِ
يَا غارَةَ اللَّهِ لاَ تُبْقِي لَهُمْ وَلَداً *** وَأَذْهِبِي مالَهُمْ يَا غارَةَ اللَّهِ
ضِيقٌ أَحَاطَتْ بِهِ الأَهْوَالُ تُزْعِجُنِي *** وَكَدَّرَتْ عِيشَتِي يَا غارَةَ اللَّهِ
يَا غارَةَ اللَّهِ لَمَّا زادَنِي أَلَمِي *** مِنَ الْهُمُومِ الَّتِي مِنْ قُدْرَةِ اللَّهِ
وَجَّهْتُ قَلْباً كَسِيراً مُحْرَقاً وَجِلاً *** مُسْتَعْجِلاً فِي الَّذِي أَطْلُبْ مِنَ اللَّهِ
وَقُلْتُ يَا رَبِّ يَا رَحْمَنُ يَا مَلِكٌ *** وَيَا رَحِيمٌ أَلاَ يَا غارَةَ اللَّهِ
نادَيْتُ لَمَّا تَهِيجُ النّارُ فِي كَبِدِي *** يَا غارَةَ اللَّهِ مَنْ لِي غارةَ الله
كُونِي مَعِي عِنْدَ أَكْدَارِي مُسَاعِدَةً *** وَفَرِّجِي كُرْبَتِي يَا غارَةَ اللَّهِ
أَقُولَ لَمَّا نَقِيضُ النَّوْمِ يُقْلِقُنِي *** بِجُنْحِ لَيْلٍ أَلاَ يَا غارَةَ اللَّهِ
فُكِّي خِنَاقِي الَّذِي قَدْ ضاقَ فِي عَجَلٍ *** وَنَفِّسِي كُرْبَتِي يَا غارَةَ اللَّهِ
يَا غارَةَ اللَّهِ لاَ خِلٌّ يُسَاعِدُنِي *** مِنَ الأَنَامِ وَلاَ أَرْجُو سِوَى اللَّهِ
لَمْ يُرْتَجَى كَشْفُ ضُرِّ فِي الأُمُورِ أَتَى *** وَحَادِثَاتٍ بَدَتْ إلاَّ مِنَ اللَّهِ
فَثِقْ بِهِ فِي مُهِمّاتِ الأُمُورِ وَلاَ *** تَجْعَلْ يَقِينَكَ يَوْماً غَيْرَ بِاللَّهِ
إنَّ الشَّدَائِدَ مَهْمَا ضاقَتِ انْفَرَجَتْ *** لاَ تَقْنَطَنَّ إذاً مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ
لَهُ عَلَيْنَا جَزِيلُ الْفَضْلِ مُنْتَشِراً *** فِي كُلِّ آوِنَةٍ فَضْلٌ مِنَ اللَّهِ
مَا لِي مَلاَذٌ وَلاَ ذُخْرٌ أَلُوذُ بِهِ *** وَلاَ عِمَادٌ وَلاَ رُكْنٌ سِوَى اللَّهِ
أَرْجُوهُ سُبْحَانَهُ أَلاَّ يُخَيِّبَ لِي *** ظَنّاً فَحَسْبِي مَا أَرْجُوهُ فِي اللَّهِ
رَبٌّ تَفَرَّدَ فِي حُكْمٍ وَفِي صِفَةٍ *** فَلاَ مُمَاثِلَ فِي الأَشْيَاءِ لِلَّهِ
يَا نَفْسُ قُولِي إذَا ضاقَ الْخِنَاقُ أَلاَ *** يَا غارَةَ اللَّهِ حُثِّي غارَةَ اللَّهِ
لاَ تَيْأَسِي نَفْحَةً تَأْتِي فَرُبَّمَا *** تَأْتِيكَ بَعْدَ إيَاسٍ رَحْمَةُ اللَّهِ
مَا لِي سِوَى اللَّهِ رَبِّي دائِماً أَبَداً *** يَأْخُذْ بِثَأْرِي أَلاَ يَا غارَةَ اللَّهِ
فاسْتَعْمِلِ الصَّبْرَ فِيمَا جاءَ مِنْ تَعَبٍ *** فَلَيْسَ بِالصَّبْرِ تَخْفَى نِعْمَةُ اللَّهِ
مَا اسْتَعْمَلَ الصَّبْرَ إنْسَانٌ فَضَلَّ بِهِ *** رَأْياً وَلاَ جاءَهُ بُؤْسٌ مِنَ اللَّهِ
الصَّبْرُ فِي جُمْلَةِ الأَشْيَاءِ مُغْتَنَمٌ *** وَصَاحِبُ الصَّبْرِ مَحْمُودٌ لَدَى اللَّهِ
فَلَمْ تَزَلْ طُولَ مَا عُمِّرْتَ مُتَّكِلاً *** فِيمَا يَنُوبُكَ مِنْ أَمْرٍ عَلَى اللَّهِ
ثُمَّ الصَّلاَةُ وَمَحْمُودُ السَّلاَمِ عَلَى *** مُحَمَّدٍ الْمُصْطَفَى مِنْ خِيرَةِ اللَّهِ
والآلِ والصَّحْبِ ثُمَّ التّابِعِينَ لَهُمْ *** فِي سُنَّةَ الْمُجْتَبَى ذِي سُنَّةُ اللَّهِ
مَا حَثْحَثَ الرَّكْبُ مُؤْتَمّاً لِكَاظِمَةٍ *** يَبْغِي جِوَارَ النَّبِيِّ الْهَادِي إلَى اللَّهِ
الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْداً دائِماً أَبَداً *** والْحَمْدُ لِلَّهِ ثُمَّ الْحَمْدُ لِلَّهِ
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ عَلَى *** مَا كانَ يُلْهِمُنِي الْحَمْدُ لِلَّهِ