دعاء وسِرّ آية الكرسي
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ الْعَوَالِمَ وَيَسَّرَ الْعُلُومَ ، وَأَجْرَى الأَفْلاَكَ وَسَخَّرَ النُّجُومَ ، واسْتَوَى فِي عِلْمِهِ الْمَنْطُوقِ والْمَفْهُومِ ، وَيَعْلَمُ الظَّوَاهِرَ والسِّرَّ الْمَكْتُومَ ، لِكُلِّ حِيٍّ عَنْدَهُ رِزْقٌ مَقْسُومٌ وَأَجَلٌ مَعْلُومٌ لِيَومٍ مَحْتُوم .
{اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَىُّ الْقَيُّوم} أَفْنَى الْقُرُونَ الْمَاضِيَةَ قَوْمَاً بَعْدَ قَوْمٍ ، وَأَبَادَ الدُّهُورَ الْخَالِيَةَ يَوْماً بَعْدَ يَوْمٍ ، وَعَدَلَ فِي أَحْكَامِهِ فَلَمْ يَلْحَقْهُ لَوْم ، سُبْحَانَه {لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْم} .
تَعَبَّدَ الْبَرَايَا بِفَرْضٍ بَعْدَ فَرْضٍ ، وَأَجْزَلَ الْعَطَايَا فَأَفْضَلَ فِي الْبَسْطِ وَعَدَلَ فِي الْقَبْضِ .. سُبْحَانَه {لَهُ مَا فِى السَّمَاوَاتِ وَمَا فِى الأَرْض} .
وَأَسْبَلَ عَلَى الْعُصَاةِ كَثِيفَ سَتْرِهِ وَمَنِّهِ ، وَسَكَّنَ رَوْعَاتِ الْخَائِفِينَ مِنْهُ بِأَمْنِهِ ، وَمَنَّ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ بِلُطْفِهِ وَيُمْنِهِ ، وَيَسَّرَ الطّاعَاتِ لِعِبَادِهِ بِأَحْسَنِ عَوْنِه ، {مَن ذَا الَّذِى يَشْفَعُ عِندَهُ إِلَّا بِإِذْنِه} .
خَلَقَ الْعِبَادَ وَرَزَقَهُمْ ، وَأَهْلُ الرَّشَادِ بِطَاعَتِهِ وَفَّقَهُمْ وَبِمَرْضَاتِهِ أَسْعَفَهُمْ وَاجْتَبَاهُمْ وَشَرَّفَهُمْ ، وَأَهْلُ الْعِنَادِ بِعَذَابِهِ خَوَّفَهُمْ ، سُبْحَانَه {يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيَدِيْهِمْ وَمَا خَلْفَهُم} .
خَلَقَ مَا شاءَ كَمَا شاءَ ، وَحَكَمَ عَلَى مَا شاءَ بِمَا شاءَ ، وَقَدَّرَ الأَشْيَاءَ كَيْفَ شاءَ ، سُبْحَانَه {وَلَا يُحِيطُونَ بِشَىْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاء} .
مُكَوِّنُ الدّارَيْنِ وَخَالِقُهُمَا ، وَمُنْشِئُ الثَّقَلَيْنِ وَمَالِكُهُمَا ، وَرَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ وَمَا بَيْنَهُمَا ، سُبْحَانَه {وَسِعَ كُرْسيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا} .
فَتَبَارَكَ رَبُّنَا ذُو الإحْسَانِ الَّذِي لَمْ يُشَارِكْهُ فِي الْقِدَمِ الأَزَلِيِّ قَدِيمٌ ، وَأَعَدَّ لِأَوْلِيَائِهِ دارَ النَّعِيمِ ، وَأَكْرَمَهُمْ فِيهِا بِالنَّظَرِ إلَى وَجْهِهِ الْكَرِيمِ ، وَأَعَدَّ لِأَعْدَائِهِ عَذَابَ الْجَحِيمِ ، يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ، سُبْحَانَه {وَهُوَ الْعَلِىُّ الْعَظِيْم} .
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى نَبِيِّكَ وَعَبْدِكَ وَرَسُولِكَ مُحَمَّدٍ الْمُخْتَارِ صاحِبِ الْمُعْجِزَاتِ والآثَارِ والدِّلاَلاَتِ والأَسْرَارِ والْكَرَامَاتِ والأَنْوَارِ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَهْلِ بَيْتِهِ الأَخْيَارِ وَأَصْحَابِهِ الأَبْرَارِ والْمُهَاجِرِينَ والأَنْصَارِ والتّابِعِينَ لَهُمْ بِإحْسَانٍ إلَى يَوْمِ الدِّينِ .
اللَّهُمَّ أَنْزِلْ عَلَيْنَا فِي هَذِهِ السّاعَةِ مِنْ خَيْرِكَ وَبَرَكَاتِكَ مَا أَنْزَلْتَ عَلَى أَوْليَائِكَ وَخَصَصْتَ بِهِ أَحِبَّاءَكَ ، وَأَذِقْنَا بَرْدَ عَفْوِكَ وَحَلاَوَةَ مَغْفِرَتكَ ، وانْشُرْ عَلَيْنَا رَحْمَتَكَ الَّتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ ، وارْزُقْنَا مِنْكَ مَحَبَّةً وَقَبُولاً وَتَوْبَةً نَصُوحاً وَإجَابَةً وَمَغْفِرَةً وَعَافِيَةً تَعُمُّ الْحَاضِرِينَ وَالْغَائِبِينَ الأَحْيَاءِ والْمَيِّتِينَ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرّاحِمِينَ .
اللَّهُمَّ لاَ تُخَيِّبْنَا مِمَّا سَأَلْنَاكَ ، وَلاَ تَحْرِمْنَا مِمَّا رَجَوْنَاكَ ، واحْفَظْنَا فِي الْمَحْيَا والْمَمَاتِ ؛ إنَّكَ مُجِيبُ الدَّعَوَات .
*******
هذا السر المبارك والدعاء الشريف عن الشيخ ماء العينين الشنقيطي عن والده الشيخ محمد فاضل بن مامين قدست أسرارهم جميعاً، وهو دعاء عظيم وورد مبارك يغني قارئه ويكفيه.
قال الشيخ في كتابه ( مذهب المخوف ) : اعلَمْ أنَّ هَذَا السِّرَّ الْعَظِيْمَ مَنْ قَرَأَهُ وَدَعَا اللهَ اسْتُجِيبَ لَهُ ، وَمَنْ قرَأَهُ فِي مَجْلِسٍ لَمْ يَقْرَبْهُ جَانٌّ وَلاَ شَيْطَانٌ ..
وَمَنْ تَلاَهُ ثَلاثَ مَرّاتٍ مَسَاءً وَصَباحاً فِي بَلَدٍ كَثُرَ خَيْرُهُ وَنَزَلَتْ فِيهِ الْبَرَكَةُ وَذَهَبَ عَنْهُ الوَخَمُ وارْتَحَلَتْ عَنْهُ الشَّيَاطِينُ ..
وَمَنْ تَلاَهُ فِي لَيْلَةِ الأَرْبِعَاءِ الأَخِيرَةِ مِنَ الشَّهْرِ وَدَعَا عَلَى ظالِمٍ أُخِذَ عَنْ قَريبٍ .
وَكذلك مَنْ عَلَّقَهُ عَلَى شَخْصٍ كَانَ مَحْفُوظاً مِنْ كُلِّ الْمـَكَارِهِ .
وَمَنْ تَلاهُ قَبْلَ أن تَحِلَّ بِهِ نَزَلَتْ فِيْهِ الْبَرَكَة ، وَكذَلِكَ قَبْلَ القِسْمَةِ عَلَى الْعِيَالِ، وَفِيْهِ مِنَ الْخَوَاصِّ، مَا لاَ تَحْصُرُهُ النُّقُول .
وأمَّا مَن أراد العملَ بهذا السِّرّ المبارَك فعليه أنْ يداوِم على وِرد آية الكرسي الشريفة حتى ينتفع بهذا السِّرِّ كمالَ الانتفاع، وإلاَّ فتلاوته بدونها لا تعطيك الثمرة الكاملة .
وبالنسبة لوِرد آية الكرسي فهو على مراتب ، وهي كما يلي :
1- الورد الكبير الكامل : وهو ثلاثُمائَةٍ وَثلاثَةَ عَشَرَ مرة ، وهو عدد الرسل ، وعدد أهل بدر ، وعدد أصحاب طالوت ، وهذا العدد الكامل لِلآية، ثم يتلو الدعاء المبارك سبع مراتٍ ..
ومَن داوم على هذا الورد لم يسأل اللهَ تعالى حاجةً إلاَّ قُضِيَت بإذن الله تعالى وأنزل الله عليه البركة وكُفِي مِن شَرِّ كُلِّ ذي شَرٍّ وكانت له حمايةً ووقايةً وحفظاً مِن الجنّ والإنس بإذن الله .
وهذا الورد المبارك يُعمَل مرّةً باليوم : إنْ شاء أوَّلَ النهار وإنْ شاء أوَّلَ الليل ، وإنْ تلاه مرتيْن مع إخلاص النية لله نال التصريفَ بهذه الآية الشريفة والسِّرّ المبارك إنْ شاء الله تعالى.
2- الورد الثاني : وهو مائَة وَسَبْعَونَ مرة ، وهو عدد حروفها ، ثم يتلو السِّرَّ المبارك سبع مراتٍ .
وهذا الورد عظيم القدر وجليل الشأن لمن حافظ عليه أوَّلَ النهار أو أوَّلَ الليل ، وكان في أمان الله تعالى مِن شرِّ الشيطان والسلطان يومَه كُلَّه بإذن الله تعالى .
ومَن تلاه مرتيْن في اليوم صباحاً ومساءً حُفِظ ظاهراً وباطناً مِن شَرِّ الإنس والجنّ والشياطين إنْ شاء الله تعالى .
3- الورد الثالث : وهو مائَة وَسَبْعَونَ مرة ، وهو عدد حروفها، ثم يتلو السِّرَّ المباركَ ثلاث مرات .
وهذا الورد أقلّ نفعاً وأدنى ثمرةً مِن الورد السابق ، لكنه عظيم الشأن ، ويَحفظ الإنسانَ مِن شَرِّ الشياطين والجنّ والأرواح الخبيثة والسِّحر والعين .
فمَن تلاه أوَّلَ النهار لم يسلَّط عليه شيطان ولا جانّ ، ولا ينال منه ساحر طيلةَ يومِه .
ومَن تلاه أوَّلَ الليل حُفِظ حتى يصبح .
ومَن لازمَه صباح مساء لم ينله سوء مِن العالم السفلي بكلّ أنواعه وأشكاله بإذن الله تعالى .
4- الورد الرابع : وهو خمسون مرة ، وهو عدد كلماتها ، ثم يقرأ السِّرَّ المبارك ثلاث مرات .
ويُعمَل هذا الورد المبارك مرّةً صباحاً ومرّةً مساءً ، ويمكن أنْ يُختصَر السِّرّ المبارَك لِمَرّة واحدة .
وهذا الورد المبارك مَن عَمِل به وحافظ عليه نال البركة في كُلّ أعماله وأحواله بإذن الله تعالى وحُفِظ مِن شَرِّ وساوس الشيطان وأعوانه بإذن الله تعالى .
5- الورد الخامس : وهو قراءة الآية الشريفة سبعَ مرات بعد كُلّ صلاة ، وقراءة السِّرّ المبارك مرّةً واحدةً بعدها .
وهذا ورد ترتيبه مبارك وعظيم القدر ، يَحفظ الانسانَ طوالَ يومِه مِن شَرِّ كُلِّ شيطان وإنس وجانّ بإذن الله تعالى.
6- الورد السادس : وهو قراءة آية الكرسي الشريفة عشرين مرة ، وهو ما عَيَّنَه مشايخ الطريق على السالك وجعلوه مِن التوهيبات اليومية في الطريق ، وقراءة السر المبارك مرّةً واحدةً في اليوم ..
وهذا مِن شأنه الانتفاع ببركة هذه الآية الشريفة والسِّرّ المبارك إنْ شاء الله تعالى .
7- الورد السابع: قراءة السِّرّ المبارك بدون الآية الشريفة مرّةً واحدةً في اليوم ، وإنْ شاء ثلاث أو سبع مرات .
وهو ورد يَتحصل فيه السالك على بعض فوائد السِّرّ المبارك مِن البركة والحفظ والفتح والحماية والحراسة .
8- ورد الخلوة الشريفة : وهو قراءة آية الكرسي ثلاثُمائَةٍ وَثلاثَةَ عَشَرَ مَرّةً وبعدها السِّرّ المبارك سبعين مرّةً بعد كُلّ صلاة من الصلوات الخمسة .
وتفصيل خلوتها في كتاب ( الثمار الحلوة في خصائص وأسرار الخلوة ) ، مَن أراد التعرف عليها فليرجع للكتاب المذكور.