صلاة مدد المسترشد من جانب المرشد للإمام أحمد الرفاعي
أبو العلمين أحمد بن علي بن يحيى الحسيني الهاشمي (ت.578هـ)
قال السيد/ أحمد عزّ الدين الصياد قُدِّس سِرُّه : مَن دوام على قراءتها في كُلّ يوم صباحاً ومساءً ثلاثَ مرات مع الإخلاص بِلا شبهة يَحصل له مَدَد عظيم مِن جانب الرسول الكريم ، ويموت على الإيمان بفضل الله ، ويُحشَر تحت لواء النبي – صلى الله عليه وسلم – بِبَرَكَتِه عليه الصلاة والسلام ، ولها أسرار غريبة وبركات عجيبة ..
ومَن آدابها قبل القراءة وبعد القراءة : الفاتحة لِلنبي – عليه الصلاة والسلام – ولِجميع النبيين والمرسلين وأصحابه والتابعين ، وفاتحة مخصوصة لِروح صاحب الصيغة سيدي السيد/ أحمد الرفاعي قُدِّس سِرُّه .
وهي هذه :
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
اللَّهُمَّ أَنْتَ الْمُطَّلِعُ عَلَى الْأَسْرَارِ الْخَفِيَّةِ ، والْعَلِيمُ بِالْأَشْيَاءِ الْكُلِّيَّةِ والْجُزْئِيَّةِ .. دارَ بِسِرِّ قُدْرَتِكَ مَدَارُ الْأَكْوَانِ ، وَظَهَرَ بِمَعْنَى حِكْمَتِكَ مَظْهَرُ الْإيمَانِ والْعِرْفَانِ .. الْكَلاَمُ عِنْدَكَ كَخَفِيِّ النِّيَّةِ ، والسِّرُّ عِنْدَكَ كالْعَلاَنِيَةِ .. اسْمُكَ عَلِيٌّ عَظِيمٌ ، وَعِلْمُكَ بِغَيْبِكَ قَدِيمٌ .. تَنَزَّهَتْ ذاتُكَ عَنْ مُشَابَهَةِ الذَّوَاتِ ، وَجَلَّتْ صِفَاتُكَ عَنْ مُمَاثَلَةِ الصِّفَاتِ .. حَجَبْتَ نَفْسَكَ بِنَفْسِكَ عَنْ أَبْصَارِ خَلْقِكَ ؛ فالْخَلْقُ كُلُّهُمْ فِي بَحْرِ الْعَجْزِ عَنْ إدْرَاكِ حَقِيقَةِ هَذَا السِّرِّ ، وَأَظْهَرْتَ نُورَ قُدْرَتِكَ لِكُلِّ شَيْءٍ ؛ فَكُلُّ شَيْءٍ حائِرٌ فِي فَهْمِ أَصْلِ ذَلِكَ النُّورِ .. نُورُ قُدْرَتِكَ مِنْكَ ، وَأَنْتَ مِنْ نَفْسِكَ ، فَلاَ شَيْءَ وَلاَ حَيْرَةَ فِي هَذَا الْمَعْنَى .. جَلَّ ثَنَاؤُكَ وَتَقَدَّسَتْ أَسْمَاؤُكَ .. سُبْحَانَكَ لاَ نُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْكَ ؛ كَيْفَ وَكُلُّ ثَنَاءٍ يَعُودُ إلَيْكَ ؟! جَلَّ عَنْ ثَنَائِنَا جَنَابُ قُدْسِكَ ؛ أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ .. جَلِيُّ لاَمِعِ نُورِ مَعْرِفَتِكَ لاَمِعٌ فِي سَمَاءِ أَفْئِدَةِ الْعَارِفِينَ ، وَخَفِيُّ مُبْهَمِ سِرِّ حَقِيقَتِكَ مَكْتُومٌ فِي أَرْضِ قُلُوبِ الْوَاصِلِينَ .. لاَ يَطَّلِعُ عَلَيْكَ إلاَّ أَنْتَ ، وَلاَ يَعْرِفُكَ غَيْرُكَ .. مَعْرِفَةُ الْوَاصِلِينَ عَيْنُ عَجْزِهِمْ عَنْ مَعْرِفَتِكَ ، وَجَهْلُ الْعَارِفِينَ غايَةُ مَعْرِفَتِهِمْ بِكَ الْعَجْزُ ؛ الْعَجْزُ عَنْ مَعْرِفَةِ ذاتِكَ وَعَنْ حَصْرِ صِفَاتِكَ .. أَحِلَّ لِنَفْسِي مِنْ طَيِّ مُشْكِلاَتِ وَهْمِهَا الْعُقَدَ بِسِرِّ قَوْلِكَ لِنَبِيِّك {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُواً أَحَد} .. عَقَدْتَ أَسْرَارَ حِكْمَتِكَ فِي قَلْبِي فَنَفَثَ عَنْ خاطِرِي أَوْهَامَ طَيِّ الْمُشْكِلاَتِ ؛ فَلاَ يَحْتَاجُ أَمْرُ مَعْرِفَتِي لَكَ عِنْدَ الدَّلِيلِ وَالْإثْبَات .. عَرَفْتُكَ وَعَقَدْتُ هُنَاكَ رَمْزِي ، وَجَعَلْتُ غايَةَ مَعْرِفَتِي عَجْزِي .. سُبْحَانَكَ مَا أَعْظَمَ شَأْنَكَ وَمَا أَعَزَّ سُلْطَانَكَ وَمَا أَجَلَّ بُرْهَانَكَ .. خَطِفَتْ لَوَامُعُ بَوَارِقِ بَوَاهِرِ أَسْرَارِكَ الْعُقُولَ ، وَكَشَفَتْ مَظَاهِرُ آثَارِ حَقَائِقِ عَظَمَتِكَ عَجْزَ أَهْلِ الْأَدِلَّةِ والنُّقُولِ .. الدَّلِيلُ عَلَيْكَ حاجَةُ الْكُلِّ إلَيْكَ وَوُقُوفُ الْكُلِّ بَيْنَ يَدَيْكَ .. مَعَانِي سَلْطَنَتِكَ مُنَزَّهَةٌ عَنِ التَّحْوِيل ، وَحَقَائِقُ عَظَمَتِكَ لاَ تَحْتَاجُ لِلدَّلِيلِ ؛ فالدَّلِيلُ أَنْتَ لِمَنْ أَدْرَكَ بِالْجُمْلَةِ والتَّفْصِيلِ ، والنَّقْلُ الْأَقْوَى قُدْرَتُكَ لِمَنْ فَهِمَ زُبْدَةَ التَّقْصِيرِ والتَّطْوِيلِ .. غايَةُ مَعَارِيجِ الْأَوْلِيَاءِ الْعَارِفِينَ الْوُقُوفُ عِنْدَ ساحِلِ بَحْرِ هَذَا الْمَيْدَانِ ، وَمُنْتَهَى مَرَاتِبِ مَعْرِفَةِ الصُّلَحَاءِ الْوَاصِلِينَ إلْقَاءُ الزِّمَامِ فِي هَذَا الْمَقَامِ وَقَبْضُ الْعِنَانِ ..
فَأَسْأَلُكَ إلَهِيَ بِسِرِّ مَدَدِكَ الْحَقِيقِيِّ الَّذِي وَضَعْتَهُ فِي صَنَادِيقِ عُقُولِ الْكَامِلِينَ ، وَبِنُورِ عِنَايَتِكَ الصَّمَدَانِيَّةِ الَّذِي نَوَّرْتَ بِهِ بُيُوتَ قُلُوبِ الصّالِحِينَ ، وَبِبَاهِرِ سِرِّ اسْمِكَ الْأَجَلِّ الْأَعْظَمِ الَّذِي ذَلَّتْ لَهُ الْجِبَالُ وَخَضَعَتْ لِسَطْوَةِ سَلْطَنَةِ قَهْرِهِ هامَاتُ فُحُولِ الرِّجَالِ ، وَبِتَجَلِّي نُورِ ذاتِكَ الْمُحْرِقِ بِنَارِ جَلاَلِ عَظَمَتِهِ الطَّوْدَ الشّامِخَ والْجَبَلَ الرّاسِخَ ، وَخَرَّ لِذَلِكَ مُوسَى صَعِقاً مِنْ هَيْبَةِ سِرِّ ذَلِكَ التَّجَلِّي الْجَلِيلِ والْمَعْنَى الْبَاهِرِ النَّبِيلِ ؛ فَلاَ شَيْءَ فِي الْكَوْنَيْنِ إلاَّ وَعِبَارَةٌ عَلَيْهِ ، وَلاَ لِسَانَ فِي الدّارَيْنِ إلاَّ وَعَيْنُ نِدَاهُ ..
يَا مَنِ الْكُلُّ مِنْهُ والْكُلُّ إلَيْهِ .. فَبِحَقِيقَةِ ذَلِكَ صَلِّ عَلَى الْمُرْشِدِ لِذَلِكَ : نَبِّيَكَ الْأَقْرَبِ وَحَبِيبِكَ الْمُنْتَخَبِ ، جَوْهَرَةِ خِزَانَةِ قُدْرَتِكَ ، وَعَرُوسِ مَمَالِكِ حَضْرَتِكَ ، وَسُلْطَانِ مَدِينَةِ أَهْلِ مَعْرِفَتِكَ ، وَتَاجِ هامَاتِ الْمُشَرَّفِينَ بِنُبُوَّتِكَ وَرِسَالَتِكَ ، إمَامِ الْأَنْبِيَاءِ وَخَاتَمِ الْمُرْسَلِينَ ، وَمُقَدَّمِ الْأُمَرَاءِ وَمَلْجَأِ الْعَاجِزِينَ ، مَدَارِ فَلَكِ الْإحْسَانِ ، والْكَنْزِ الْخَفِيِّ الَّذِي بِهِ عَرَفْنَاكَ فَكَفَى بِهِ بُرْهَاناً ، عَيْنِ عِلْمِكَ الْمَكْنُونِ بِبَحْرِ سِرِّ مَعْنَى نُون ، وَدَقِيقَةِ أَمْرِكَ الْمَصُونِ بِتَجَلِّي باهِرِ إشَارَةِ ( كُنْ ) فَيَكُونُ ، واسِطَةِ الْكُلِّ فِي مَقَامِ الْجَمْعِ ، وَوَسِيلَةِ الْجَمِيعِ فِي تَجَلِّي الْفَرْقِ ، رَحْمَةٍ لِلْعَالَمِينَ قَبْلَ الْعَالَمِينَ ، وَإمَامِ الْأَنْبِيَاءِ والْمُرْسَلِينَ قَبْلَ أَنْ يُخْلَقَ آدَمُ مِنَ الطِّينِ ، أَقْرَبِ خَلْقِكَ وَأَجَلِّ عِبَادِكَ ، وَأَحْسَنِ عَبِيدِكَ وَأَجْمَلِ عِبَادِكَ ، سِرِّكَ الْبَاهِرِ الَّذِي جَعَلْتَهُ كَعْبَةً لِأَهْلِ الْأَرْضِ والسَّمَاءِ ، وَنُورِكَ الظّاهِرِ الَّذِي لِأَجْلِهِ عَلَّمْتَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ ، وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ والتّابِعِينَ لَهُمْ بِإحْسَانٍ إلَى يَوْمِ الدِّينِ ..
واغْفِرْ لَنَا ، وَلِوَالِدِينَا وَلِوَالِدِ والِدِينَا ، وَلِمَشَايِخِنَا وَلِمَشَايِخِ مَشَايِخِنَا ، وَلِإِخْوَانِنَا الْمُسْلِمِينَ ، وَأَحْيِنَا بِحَقِّهِ عَلَى مِلَّتِهِ ، وَأَمِتْنَا عَلَى حَقِيقَةِ شَرِيعَتِهِ ، واحْشُرْنَا فِي زُمْرَتِهِ أَجْمَعِينَ ، واجْعَلْنَا بِجِوَارِهِ فِي الْجَنَّةِ مُقِيمِينَ ، وَبِظِلاَلِه الْعَالِيَةِ هُنَا وَهُنَاكَ آمِنِينَ ، وَصَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى جَمِيعِ إخْوَانِهِ مِنَ النَّبِيِّينَ والْمُرْسَلِينِ وَآلِهِمْ وَصَحْبِهِمْ أَجْمَعِينَ ، والْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِين .