المناجاة السَّحَرِيَّة للإمام عبد القادر الجيلانى
سيدي عبد القادر بن موسى بن عبد الله الحسني، أبو محمد، محيي الدين الجيلاني (ت. 561 هـ)
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
إلَهِي .. أَغْلَقَتِ الْمُلُوكُ أَبْوَابَهَا ، وَبَابُكَ مَفْتُوحٌ لِلسّائِلِينَ .
إلَهِي .. غارَتِ النُّجُومُ وَنَامَتِ الْعُيُونُ ، وَأَنْتَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ الَّذِي لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ .
إلَهِيِ .. فُرِشَتِ الْفُرُشُ وَخَلاَ كُلُّ حَبِيبٍ بِحَبِيبِهِ ، وَأَنْتَ حَبِيبُ الْمُتَهَجِّدِينَ وَأَنِيسُ الْمُسْتَوْحِشِينَ .
إلَهِي .. إنْ طَرَدْتَنِي عَنْ بابِكَ فَإلَى بابِ مَنْ أَلْتَجِئُ ؟! وَإنْ قَطَعْتَنِي عَنْ خِدْمَتِكَ فَخِدْمَةَ مَنْ أَرْتَجِي ؟!
إلَهِي .. إنْ عَذَّبْتَنِي فَإنِّي مُسْتَحِقُّ الْعَذَابِ والنِّقَمِ ، وَإنْ عَفَوْتَ عَنِّي فَأَنْتَ أَهْلُ الْجُودِ والْكَرَمِ ..
يَا سَيِّدِي .. لَكَ أَخْلَصَ الْعَارِفُونَ ، وَبِفَضْلِكَ نَجَا الصّالِحُونَ ، وَبِرَحْمَتِكَ أَنَابَ الْمُقَصِّرُونَ .
يَا جَمِيلَ الْعَفْوِ أَذِقْنِي بَرْدَ عَفْوِكَ وَحَلاَوَةَ مَغْفِرَتِكَ وَإنْ لَمْ أَكُنْ أَهْلاً لِذَلِكَ ؛ فَأَنْتَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ .
اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُكَ إيمَاناً يَصْلُحُ لِلْعَرْضِ عَلَيْكَ ، وَيَقِيناً نَقِفُ بِهِ فِي الْقِيَامَةِ بَيْنَ يَدَيْكَ ، وَعِصْمَةً تُنْقِذُنَا بِهَا مِنْ وَرَطَاتِ الذُّنُوبِ ، وَرَحْمَةً تُطَهِّرُنَا بِهَا مِنْ دَنَسِ الْعُيُوبِ ، وَعِلْماً نَفْقَهُ أَوَامِرَكَ وَنَوَاهِيَك ، وَفَهْماً نَعْرِفُ بِهِ كَيْفَ نُنَاجِيكَ ، واجْعَلْنَا فِي الدُّنْيَا والآخِرَةِ مِنْ أَهْلِ وِلاَيَتِكَ ، وَامْلَأْ قُلُوبَنَا بِنُورِ مَعْرِفَتِكَ ، وَكَحِّلْ عُيُونَ عُقُولِنَا بِإثْمِدِ هِدَايَتِكَ ، واحْرُسْ أَقْدَامَ أَفْكَارِنَا مِنْ مَزَالِقِ مَوَاطِئِ الشُّبُهَاتِ ، وامْنَعْ طُيُورَ أَنْفُسِنَا مِنَ الْوُقُوعِ فِي مُوبِقَاتِ الشَّبَكَاتِ ، وَأَعِنَّا فِي إقَامَةِ الصَّلاَةِ عَلَى تَرْكِ الشَّهَوَاتِ ، وامْحُ سُطُورَ سَيِّئَاتِنَا مِنْ جَرَائِدِ أَعْمَالِنَا بِأَيْدِي الْحَسَنَاتِ .. كُنْ لَنَا حَيْثُ يَنْقَطِعُ الرَّجَاءُ مِنَّا إذَا أَعْرَضَ أَهْلُ الْوُجُوهِ عَنَّا حِينَ نَحِلُّ فِي ظُلُمَاتِ اللُّحُودِ رَهَائِنَ أَفْعَالِنَا إلَى الْيَوْمِ الْمَشْهُودِ .. أَجِرْ عَبْدَكَ الضَّعِيفَ عَلَى مَا أَلِفَ مِنَ الْعِصْمَةِ مِنَ الزَّلَلِ ، وَوَفِّقْهُ وَإخْوَانَهُ لِصَالِحِ الْقَوْلِ والْعَمَلِ ، وَأَجْرِ عَلَى لِسَانِهِ مَا يَنْتَفِعُ بِهِ السّامِعُ وَتَذْرِفُ لَهُ الْمَدَامِعُ وَيَلِينُ لَهُ الْقَلْبُ الْخَاشِعُ ، واغْفِرْ لَهُ وَلِلْحَاضِرِينَ وَلِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ آمِينَ ، والْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ ، يَا رَبَّ الْعَالَمِين .