ورد تفريج الكروب لسيدى سلامة الراضى
حزب تفريج الكروب
لسيدى سلامة الراضى رضى اللـه عنه
أشكر المارين علينا بصدق ولو مخالفين فإن الخلاف للرأى مع الصدق لا يفسد للود قضية فإنما كلنا نبتغى اللـه ومن صدق فى اللجوء إلى اللـه لا بد أن يهديه اللـه فإن الصدق سيف اللـه الماضى وعونه القاضي
إذا اشتد بك الكرب. وتعسر عليك الحال. ونزلت بك النوائب الواحدة تلو الأخرى. واحترت فى الطريق. وتهت عن الحبيب. واشتد بك النحيب. وصرت عن نفAسك غريب. ولم تجد يد عون لا من صديق ولا طبيب. وناجيت اللـه وناديته. فهذا الحزب هو مبتغاك فعول عليه وناجى ربك بكلماته وأقبل عليه فإن الفرج يأتيك أقرب مما يخطر على بالك. وكيف لا وهو تعالى القائل: “أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللـه قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ” [النمل : 62].
وهذا الحزب يعينك على الإلتجاء إلى اللـه على أى حال كنت بكلمات المضطرين إليه. وقد نصحتك واللـه يتولى هداك. واعلموا أن اللـه يحيى الأرض بعد موتها فلا تيأس من موت قلبك فواللـه إن القلوب بين اصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف شاء فادعه فإنه أقرب إليك من حبل الوريد ولا تيأسنّ فإن فرجه قريب. واللـه يتولاك بفضله ويحيى قلبك مع هذا التوجه وهو نعم المرجو ولا حول ولا قوة إلا به..
بِسْمِ اللـه الرَّحْمَنِ الرَّحِيم
سبحانك يا إله الأولين والآخرين . لا إِلَهَ إِلا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّى كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ. إلهى وربِّى وسـيدى أنا عبدُكَ الضعيفُ المِسْكِينُ . وقفتُ ببابِك. أرجو رحمتَكَ واحسانَكَ . وأنت الكريمُ الرحيمُ الذى لا تَرُدُّ من ســألكَ. ولا تُخَيِبُ من قصدكَ . هل أقِفُ بِبابِك وتَطْرُدُنِى حاشاكَ يا أكرمَ الأكرَمينَ . إلهى وسـيدى وسـندي. انقَطَعَ أمَلِى مِنَ الخَلْقِ ولم يَبْقَ لِى نصيرٌ سِواك . ولا مَن أرْتَجِيهِ غيرُكَ.
وقد التَجَأتُ إليك يا ربُ وأسندتُ ظهرى إلى حِماك. إلهى ومولاى أنا المُسْتَغِيثُ بك فأغِثْنِى يا ربُّ يا ربُّ يا ربُّ. إلهى أنا المستجيرُ بك فأجِرْنِى يا ربُّ يا ربَُ يا ربُّ .
اللـهمَّ إنى قد عصيتُكَ بِجَهْلِى وأنا بِذلك أستَحِق منك العُقوبةَ . ولكنى مع عِصيانى أعتَقدُ أنك الربُّ العظيمُ . الذى تَسْتُرُ القَبيحَ وتُظهرُ الجميلَ . وإنى عبدُكَ وانْ قصرْتُ وتحتَ قهرِكَ وان خالفتُ . إلهى إنْ كانتْ ذُنوبى قد حَجَبَتْنِى عنك وجعلتنى بعيدا عن رحمتِك. فأنا أسـألُكَ بِجاهِ حبيبكَ سيدِنا محمدٍ صلَّّى اللـه عليهِ وعلى آلِهِ وصحبِهِ وسَلََّمَ. أنْ تجعلَنى يا ربُّ يا رحيمُ يا كريمُ من المقبولين . وأن تنظُرَ لى بِعيْنِ رِعايتِكَ وعِنايَتِكَ . إلهى ومولاى أنتَ تعلمُ ذُلِى واحتياجى وفقرى واضطرارى ولا يخفى عليك خَفِى حالى . فلا تُخَيِبْ ظنى ولا تقطعْ رجائي.
إلهى إن رددتنى عن بابِكَ فَعَلَى أى بابٍ أَقِفُ وكلُّ الأبوابِ ِقدْ سُدَّتْ فى وجهى . وان رددتَ يدى بالخيبةِ فإلى من أمُدُّها وقد مددتُها لغيرِك فحرمونى . وانقطعَ عشمى وأملى مِن غيرِكَ . ولم أجِدْ مَن يأخُذُ بيدى إلا أنت يا إلهَ الآلهةِ يا عظيمَ العظماءِ يا ربَ العالمين . إلهى رحمتُكَ وسِعَت كُلَّ شيءٍ فهل تضيقُ بِمِثْلِى وأنا مُفْتَقِرٌ إلى رحمتِكَ. اللـهمَّ إنكَ قد خلقتنى وبِنِعمتِكَ رَبيتني. وها أنا محتاجٌ إلى فضلِكَ فلا تجعل حظى الخَيْبَة َوالحِرْمان. إلهى كم أغْنَيْتَ مِن فقيرٍ وكم أجَرْتَ مِن مُسْتَجِيرٍ وأغَثْتَ من مُسْتَغِيثٍ . وأنا عبدٌ من بعضِ العبيد فأغثنى يا مغيث. إلهى إن كان القُرْبُ عندَكَ بالأعمالِ فأنت المُوَفقُ ولا حولَ ولا قوةَ إلا بك.
سـيدى ومولاى إن كنتَ لا تُحسِنُ إلا للمُحْسِنين ولا تجودُ إلا على الطائعين . فمن ذا الذى يتكرمُ على العاصين والمُذنِبين. إلهى إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ. ولا فقيرَ إلى رحمتِكَ أفقرُ منَ العُصَاةِ و المذنبين . وأنا عبدُكَ الفقيرُ المذنبُ الخاطيءُ واقفٌ على بابِكَ أرجو رحمتَكَ فعاملنى بحلمِكَ وعفوِكَ يا ربَّ الأرباب. إلهى لو عاملتَ الخلقَ بذنوبِهِم لأهْلَكْتَهُم ولكنَّكَ تحْلُمُ على العاصينَ وتتكرمُ عليهم . فعاملنا بما أنت أهلُهُ ولا تُعاملْنا بما نحن أهلُه انَّكَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ . إلهى لو شئتَ لأصلَحْتَ فسادى وقوَمْتَ عِوَجى وطهرتنى من كل دَنَسٍ وهَا أنا فى قبضتِكَ وتحت قهرِكَ مُقِرٌ بذنبى مُحْتاجٌ إلى رحمتِكَ . فأصلحْ لى حالى وخذ بيدى ووفقنى لصالح الأعمال .
وتُب على توبةً تُرضيكَ بفضلِكَ وإحسانِكَ إنَّكَ على كلِّ شيءٍ قدير. إلهى كم جاهدتُ نفسى على هواها وألزمتُها التقوى . فحالَ بينى وبينَ ذلك كثيرٌ من الموانعِ والعوائق . ولا يتمُّ ذلِكَ إلا بمعونتِكَ وقدرتِكَ . فأنتَ الذى بيدِكَ مقاليدُ الأمورِ. وأنتَ الآخذُ بناصيةِ كلِّ دابَّةٍ. فخُذْ إلى الخيرِ بناصيتى واكفنى شر نفسي. إلهى إنَّكَ تسمعُ دُعائى واستغاثتى وتعلمُ حُسْنَ ظنى وفاقَتى واضطراري. فتَعَطفْ على وارحمني. إلهى إنَّ النفسَ والشيطانَ لِخُبثِهِمَا يُحدثانِ بأنَّكَ لا تنظرُ إلى ولا تستجيبُ دعائي. فـأسـألُكََ أنْ تُخَيبَ ظنَّهُما وانصرنى عليهما بإجابةِ سؤالى بفضلك ورحمتك يا أرحم الراحمين.
إلهى ما عصيتُكَ باختيارى بلْ بجهلى وشقائى . ولم أقصِدْ بمعصيتى جُرْأَةً عليكَ ولا استخفافاً بأمرِكَ . بل ما عصيتُك إلا بعدَ أن تعاوَنَ على نفسى وشيطانى وضعيفانِ يغلبانِ قوياً. فـأسـألُكَ يا رحيمَ الرحماءِ يا واسعَ العطاءِ. أنْ تمُنَّ على بالقبولِ وأن تعيننى على الوُصولِ إليكَ يا ربَّ العالمينَ. إلهى هذا ذُلِى ظاهرٌ بين يديك . وهذا حالى لا يخفَى عليك . فعاملنى بالإحسانِ يا رءوفُ يا كريمُ يا حنانُّ .
وارحم بجودِكَ عبداً مالَهُ سببٌ *** يرجو سواكَ ولا عِلْمُ ولا عملُ
يا من به ثقتى يا من به فرجى *** يا من عليه ذوو الفاقاتِ يتَّكِلُ
أدْرِكْ بَقِيَةَ مَنْ ذابتْ حشاشتُهُ *** قبلَ الفواتِ فقد ضاقتْ بِهِ الحِيَلُ
إلهى وسـيدى كمْ تحملْتُ فيك الذُلَ والهوانَ . وكم ذُقْتُ المرَّ وتجرعْتُ الغُصَصَ لأجلِكَ . وأنا مع ذلِكَ كلِّهِ لمْ أقُمْ بواجبِ محبتِكَ . ولكنْ حُسْنَ ظنى بِكَ وضعفى أطلقا لسانى بالدعاءِ . أرجو رحمتِكَ يا لطيفُ يا كريمُ يا رءوفُ يا رحيمُ . اللـهمَّ إنَّكَ لو أعطيتَ الخلْقَ كلَّ ما يسألونَ ومنَنْتَ عليهم بأضعافِ أضعافِهِ لا ينقُصُ ذلِكَ من خزائِنِكَ ذرةً واحدةً. فجُدْ على وارحمنى وخُذْ بيدى إلى الخيرِ واستَجِبْ دعْوَتى يا ربَ العالمين. إلهى يداكَ مبسوطتانِ بالليلِ ليتوبَ مُسيءُ النهارِ . ومبسوطتان بالنهار ليتوب مسيءُ الليلِ . فامنُنْ على بالتوبةِ منك لتكونَ توبتى تابعةً لتوبتِكَ على إنَّك أنتَ التوابُ الرحيم.
اللـهمَّ إنَّ الخيرَ بيديكَ والنورَ من عندِكَ. فإذا لم تَجُدْ على بالخيرِ من عِنْدِكَ فمن يجودُ على سِواكَ . وإذا لم تجعلْ لى نوراً من فيضِكَ وفضلِكَ فمن ذا الذى يأتينى بالنور. اللـهمَّ إنَّ المعصيةََ لا تضُرُكَ والطاعةُ لا تنفعُكَ . والأمرُ كله فضلٌ منك على عبيدك. فجُدْ على بالفضلِ يا صاحبَ الفضلِ والإحسان.
اللـهمَّ إنَّ كلَّ مُحِبٍ قد تهنَى بحبيبِهِ وتمتعَ بِهِ ونالَ منْهُ مُنَاهُ . وأنا العبدُّ المسكينُ الفقيرُ إليكَ يحبُّك بقلبِهِ وجسمِهِ وروحِهِ وعقلِهِ وكلِّهِ وقد بَرَى الحبُّ جسمَهُ وأنهكَ قُواهُ . وصيَّرَهُ ذليلاً سقيماً ضئيلاً كالخِلالِ البالى . وتَحَمَلَ فيكَ الذُلَ وتجرعَ كأسَ الصبرِ وشَمِتَ فيه العدُوُ وهجرهُ الصَديق وعَيَرَهُ الأهلُ . يئنُ ويتأوه وكَبِدُهُ كاد يتفتتُ وفؤادُهُ يتصدع وجسْمُهُ يتمزق . لا تَمُرُ عليه لحظةٌ إلا وهو يَحِنُّ إليكم ويتمنى الرضا منكم ولا يزدادُ إلا بُعْدًا وهِجْرانًا وصَداً. وكم يتمنى القُرْبَ منك وهيهاتَ أن ينالَهُ وكم يتمنى نظرةً تُصْلِحُ حالَهُ.
فـأسـألُكَََ يا من أذَقْتَ قلبَهُ محبَتَك ولوَّعْتَهُ . وعرَّفتَهُ بمحاسنِ صفاتِكَ وأبعدْتَهُ . أنْ ترحمَ ذُلِى وتنظُرَ لحالى وأن تكشفَ حجابَ الغفلةِ عن قلبى وأن تُنادى مُحِبَّكَ فيأتِيَكَ . وأن لا تُعَذِبَه بالهجْرِ والبُعْدِ والإعراضِ والصدِّ. وامْنُنْ عليه بنظرةٍ قبل الممات . ومتِّعْهُ بالرضا والقربِ يا ربَّ البريات. سـيدى ومولاى هذا ذليلُكَ بين يديكَ . هذا مسكينُكَ بين يديك . هذا فقيرُكَ بين يديك. هذا ضعيفُك بين يديك . هل تطرُدُنى وتحرمُنى وأنت أكرمُ الأكرمين . وأنا أفقرُ الفقراءِ وأذَلُّ الأذِلاءِ. حاشاك أن تُقَنِطَ عاصيًا أو تُخَيِبَ سائلاً.
لبستُ ثوب الرجا والناسُ قد رقدوا *** وبتُ أشكو إلى مولاى ما أجدُ
وقلتُ يا أملى فى كلِّ نائبةٍ *** يا من عليه لكشفِ الضرِّ أعتمدُ
أشكو إليك أموراً أنتَ تعلمُها *** ما لى على حملها صبرٌ ولا جلدُ
وقدْ مددتُ يدى بالذلِّ مبتهلاً *** إليكَ يا خيرَ من مُدتْ إليهِ يدُ
فلا تردنَّها يا ربُّ خائبةً *** فبحرُ جودِكَ يُروى كلَّ من يردُ
اللـهمَّ إنك قد اصطفيتَ أقواماً وقربتهم إلى حضرتِك. ولم يكن ذلك بأعمالهم ولكن بمحض جُودِكَ وفضلِكَ. فلا تعاملنى بأعمالي. وعاملنى بفضلِك. وامننْ على بجودِكَ وإحسانِكَ يا أرحمَ الراحمين.
اللـهمَّ لا تحجبنى عنك بعصياني. وتُبْ على وقربنى إلى حضرتِك. ووفقنى لطاعتِك. وعلمنى الأدبَ معك. ومع نبيِكَ محمدٍ صلى اللـه عليه وسلَّم. واستجبْ دعوتى بجاهِه وبركتِه. وارزقنى حُسْنَ اتباعِهِ ومحبتِه. واحشرنى تحتَ لوائِهِ أنا وجميعَ من يُحبُهُ من أهلِ ملَّتِه. وأدخلنى الجنةَ فى جوارِكَ وجوارِ رسولِكَ. ومتعنى بالنظرِ إلى وجهِكَ الكريم. واجعلْ حظى من دعائِكَ رضاكَ يا كريم. ولا تجعلْهُ شهوةً تبعدُنا عنك. وتولنى بعنايتِكَ ورعايتِك. ويَسِّرْ لى ما أهمنى من أمور الدنيا والآخرة فى رضاك ورضا رسولِك صلى اللـه عليهِ وسلَّم. وامْحُ من قلبى محبةَ سواك. وأذقنى بَرَدَ محبتِكَ فى خيرٍ وعافية. وقونى على ذلك. وارزقنى الأدبَ عند القضاء. والْطُفْ بى فيما نزل. واغفرْ لى وللمسلمينَ أجمعين. وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.
“تم بعونِ اللـه حزب تفريج الكروب”