حزب النصر للشيخ محيي الدين بن عربي
سيدي محيي الدين محمد بن علي بن محمد الحاتمي الطائي الأندلسي (ت: 638 هـ)
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رَبِّ أَدْخِلْنِي فِي لُجَّةِ بَحْرِ أَحَدِيَّتِكَ وَطَمْطامِ يَمِّ وَحْدَانِيَّتِكَ ، وَقَوِّنِي بِقُوَّةِ سَطْوَةِ سُلْطَانِ فَرْدَانِيَّتِكَ ؛ حَتَّى أَخْرُجَ إلَى فَضَاءِ سَعَةِ رَحْمَتِكَ وَفِي وَجْهِي لَمَعَانُ بَرْقِ الْقُرْبِ مِنْ آثَارِ رَحْمَتِكَ ، مَهِيباً بِهَيْبَتِكَ عَزِيزاً بِعِنَايَتِكَ مُبَجَّلاً مُكَرَّماً بِتَعْلِيمِكَ وَتَزْكِيَتِكَ ، وَأَلْبِسْنِي خِلَعَ الْعِزَّةِ والقَبُولِ ، وَسَهِّلْ لِي مَنَاهِجَ الْوُصْلَةِ والْوُصُولِ ، وَتَوِّجْنِي بِتَاجِ الْكَرامَةِ والْوَقَارِ ، وَأَلِّفْ بَيْنِي وَبَيْنَ أَحِبَائِكَ فِي دارِ الدُّنْيَا وَفي دارِ الْقَرَارِ ، وارْزُقْنِي مِنْ نُورِ اسْمِكَ بِنُورِ اسْمِكَ وَبِنُورِ ذاتِكَ هَيْبَةً وَسَطْوَةً حَتَّى تَنْقَادَ لِي بِهَا الْقُلُوبُ والأَرْوَاحُ وَتَخْضَعَ لَدَيَّ النُّفُوسُ والأَشْبَاحُ .. يا مَنْ ذَلَّتْ لَهُ رِقَابُ الْجَبَابِرَةِ وَخَضَعَتْ لَدَيْهِ أَعْنَاقُ الأَكَاسِرَةِ لاَ مَلْجَأَ وَلاَ مَنْجَى مِنْكَ إلاَّ إلَيْكَ ، وَلاَ إعَانَةَ إلاَّ مِنْكَ ، وَلاَ اتِّكَالَ إلاَّ عَلَيْكَ .. ادْفَعْ عَنِّي كَيْدَ الْحَاسِدِين، وَظُلُمَاتِ شَرِّ الْمُعَانِدِينَ ، واحْمِنِي تَحْتَ سُرَادِقَاتِ عَزِّتَكِ .. يَا أَكْرَمَ الأَكْرَمِينَ أَيِّدْ ظاهِرِي فِي تَحْصِيلِ مَرَاضِيكَ ، وَنَوِّرْ سِرِّي وَقَلْبِي بِالاِطِّلاَعِ عَلَى مَنَاهِجِ مَسَاعِيكَ ..
إلَهِي كَيْفَ أَصْدُرُ مِنْ بابِكَ بِخَيْبَةِ قَهْرٍ مِنْكَ وَقَدْ وَرَدْتُهُ عَلَى ثِقَةٍ بِكَ ؟! وَكَيْفَ تُؤَيِّسُنِي مِنْ عَطَائِكَ وَقَدْ أَمَرْتَنِي بِدُعَائِكَ ؟! وَهَا أَنَا ذَا مُقْبِلٌ عَلَيْكَ مُلْتَجِئٌ إلَيْكَ ..
اللَّهُمَّ باعِدْ بَيْنِي وَبَيْنَ أَعْدَائِي كَمَا باعَدْتَ بَيْنَ الْمَشْرِقِ والْمَغْرِبِ ، واضْرِبْ رِقَابَهُمْ بِجَلاَلِ مَجْدِكَ كَمَا ضَرَبْتَ رِقَابَ الْجَبَابِرَةِ لِأَصْفِيَائِكَ ، واقْطَعْ أَعْنَاقَهُمْ بِسَطَوَاتِ قَهْرِكَ كَمَا قَطَعْتَ أَعْنَاقَ الأَكَاسِرَةِ لِأَتْقِيَائِكَ وَأَهْلَكْتَ الْفَرَاعِنَةَ وَدَمَّرْتَ الدَّجَاجِلَةَ لِخَوَاصِّكَ الْمُقَرَّبِينَ وَعِبَادِكَ الصّالِحِينَ بِجَلاَئِلِ الْقَهْرِ ، واخْطَفْ أَبْصَارَهُمْ عَنِّي بِنُورِ قُدْسِكَ ؛ إنَّكَ أَنْتَ اللَّهُ الْمُعْطِي جَلاَئِلَ النِّعَمِ الْمُبَجِّلُ الْمُكَرِّمُ لِمَنْ ناجَاكَ بِلَطَائِفِ الرَّحْمَةِ والرَّأْفَةِ يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ وَيَا كاشِفَ أَسْرَارِ الْمَعَارِفِ والْعُلُومِ .
وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ ، بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرّاحِمِينَ وَيَا أَكْرَمَ الأَكْرَمِينَ ، والْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِين .